الأربعاء، 16 يوليو 2008

البوح

قالت لي أمي عن طفولتي أني تأخرت في النطق حتى أنها أخذتني إلى الطبيب تطمئن عليّ أني سأنطق يومًا ما بالكلمات التي تحبها. وما زلت أذكر تلك الأيام الطويلة التي كنت أمضيها منشغلة بنفسي وبدميتي الصغيرة رغم أني كثيرة الإبتسام ورغم أني كسرت ذلك الحاجز ونطقت سريعًا إلا أن الصمت يضرب جذوره في أعماقي…كبرت وكبر صمتي مع الأيام لكني أشتاق للبوح أحيانًا!!
ربما لم يكن في الحياة شيئا يستدعي الحديث، كنت أسير كمركب صغير تتقاذفه الأمواج دون بوصلة حتى وصلت إلى الشاطئ وأمامي عالم جديد لا أفقه فيه شيئًا ولا أملك لأجله شيئًا إلا قلبًا صغيرًا وابتسامة كبيرة تمتد إلا حيث اللا نهاية…إلى الدموع.فأشرق ببسمة…وسط دمعة محنة مثل شمس الشتاء!


وكان عمري باقة ورد تسمى أيامًا…كان عمري باقة ورد تُنسق يومًا بعد يوم..أيام الطفولة والصبا المرحة…تلك الأيام التي كانت تجيء بالفرح فرحين وبالحزن ضعفين. وكانت السنوات عمر قلب كهل في نبض الشباب يبدو من مجاري القدر شيء مختلف!
“وآهًا أيها الزمن! من الذي يفهمك وأنت مدة أقدار؟!!”
وفي الحياة رأيت أشياء مكذوبة كبرت فيها الدنيا وصغرت فيها النفس…وانتهيت بأشياء حقيقية صغرت فيها الدنيا وكبرت فيها النفس!!
ولولا أني اغتنيت بتعلم أبجديات لغة مختلفة…هي معنايَ الجميل لبعت فيها المكث بالذهاب..هي لغتي …أبجدياتها :صدق نبض قلبي…عرفت فيها نفسي…ومن حولي…ذهب الأرض كله فقر حين تكون الحياة من القلب إلى القلب.
وعجبًا أن أنتهي إليها وهي أول حقيقة أسمعها منذ الصغر: قلبك قلبك…سر حياتك!!
وتحول بي الزمن..وصرت أعيش بفكر مضيء أو مظلم…حزن صديق أو فقد لرفيق الطريق
وابتسامة غريبة الجمال اذا هي ابتسامة الألم …أسعى بضعفي وعزمي أن تنتهي…بابتسامة بمثل ابتسامة طائر سجين منذ ولد لحظة ينطلق…إلى السماء…وأنا الآن في لحظة اشتياق شديد للجنان منتظرة إشارة ربانيّة تقول لي إنطلقي لرب غير غضبان…بورد وريحان!!
ولفوضى الحواس بمثل هذه اللحظة…أمسكت ظل صمتي…لأبقى حيّة بصدق نبضي…أبوح بها بلغتي…هي أوراق وردي!

ليست هناك تعليقات: